اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 247
حدثنا محمد بن داود، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد، قال:
حدثنا يعقوب عن أبي حازم قال أخبرني سهل بن سعد قال إن أدنى أهل الجنة يقال له: تَمَنَّ.
فيقول: أعطني كذا أعطني كذا، حتى إذا لم يجد شيئاً يتمنى لُقِّن فيقال له: تَمَنَّ، قل كذا قل كذا، فيقول. فيقال له: هو لك ولك مثله معه. وفي رواية أبي سعيد الخدري لك هذا وعشرة أمثاله معه. ثم قال تعالى: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ يعني الجنة.
[سورة آل عمران (3) : آية 134]
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
ثم نَعَتَ المتقين فقال: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ الخ الآية. نعت للمتقين.
ويقال إن كل نعت من ذلك هو نعت على حدة، فكأنه يقول: أعدت للمتقين الذين ينفقون من السراء ... الخ. قوله: فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ أي ينفقون أموالهم في حال اليسر وفي حال العسر، وهذا قول الكلبي. وقال مقاتل والضحاك: في حال السعة والشدة. ويقال: في حال الصحة والمرض. ويقال: فِي السَّرَّاءِ، يعني في حال الحياة. وفي الضراء، يعني بعد الموت. ويقال في سراء المسلمين في عرسهم وولائمهم، والضراء في نوائبهم ومآتمهم.
ويقال فِي السَّرَّاءِ يعني النفقة التي تسرّكم، مثل النفقة التي على الأولاد والأقربين وَالضَّرَّاءِ النفقة على الأعداء والكاشحين. ويقال فِي السَّرَّاءِ يعني على الأنبياء يضيفهم ويهدي إليهم وَالضَّرَّاءِ يعني على أهل الضر يتصدق عليهم.
وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ يعني المرددين الغيظ في أجوافهم، وأصله في اللغة: كظم البعير إذا رَدَّد جِرَّتَه. ومعناه: الذين إذا أصابهم الغيظ تجاوزوا ولم يعاقبوا. وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال الكلبي: يعني عن المملوكين. ويقال: والعافين عن الناس بعد قدرتهم عليهم فيعفوا عنهم وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ من الأحرار والمملوكين، ويقال: الذين يحسنون بعد العفو ويزيدون عليه إحساناً وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ ينفذَهُ ثُمَّ لَمْ يُنفِذْهُ زَوَّجَهُ الله مِنَ الحُورِ العينِ حَيْثُ يَشَاءُ» ، وفي خبر آخر: عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلمَةٍ قَطّ إِلاّ زَادَهُ الله بِهَا عزّا» .